ما هو مذنب هالي: حقائق عن أشهر المذنبات

 

ما هو مذنب هالي: حقائق عن أشهر المذنبات

ولا شك أن هالي هو المذنب الأكثر شهرة، إذ يعود إلى الأرض بشكل دوري كل 75 عاما تقريبا، مما يسمح لبعض الناس برؤيته مرتين في حياتهم. زارنا المذنب آخر مرة عام 1986 ومن المتوقع أن يعود عام 2061.

تم تسمية المذنب على اسم عالم الفلك الإنجليزي إدموند هالي Edmond Halley، الذي فحص تقارير المذنبات التي تقترب من الأرض في الأعوام 1531 و1607 و1682، وخلص إلى أن هذه المذنبات الثلاثة ما هي إلا مذنب واحد يعود مرارا وتكرارا، متوقعا أن يعود مرة أخرى في عام 1758. ولم يعش هالي ليرى عودة المذنب، لكن اكتشافه أدى إلى تسمية المذنب باسمه.

وأظهرت حسابات هالي أيضًا وجود مذنبات أخرى تدور حول الشمس، وشهدت عودة هالي الأولى إلى عصر الفضاء (في عام 1986) اقتراب عدد من المركبات الفضائية منه لأخذ عينات من مكوناته، ورصدت قوة التلسكوبات عالية السرعة حركته أثناء اقترابه من الأرض.

قصة المذنب هالي

وفقا لوكالة الفضاء الأوروبية، فقد تم تسجيل أول مشاهدات معروفة لهالي في عام 239 قبل الميلاد، وفي الوثائق التاريخية لعلماء الفلك الصينيين إشارات إلى مرور المذنب في مناطق "شي تشي" و"وين شيان ثانغ خاو" " تم ايجادها. ومن الممكن أن تكون عودة المذنب في عامي 164 و87 قبل الميلاد قد تم توثيقها في الوثائق البابلية الموجودة الآن في المتحف البريطاني. وهذا ما تمت مناقشته في مقال بحثي منشور في مجلة Nature حول موضوع: "توفر هذه النصوص دعمًا مهمًا لحركة المذنب المدارية في الماضي القديم".

حدث الظهور الأبرز للمذنب قبل وقت قصير من غزو ويليام الفاتح لإنجلترا عام 1066، ويقال إن ويليام اعتبر ظهور المذنب خبرًا جيدًا لنجاحه.  وفي ذلك الوقت، اعتبر علماء الفلك كل ظهور لمذنب هالي حدثا معزولا، وكانت المذنبات تعتبر علامات على مصائب عظيمة أو تغيرات كبيرة. 

اكتشاف عودة هيلي

بدأ علم الفلك يتغير كثيرًا في  القرن السادس عشر ، كان الكثير من علماء الفلك يعتقدون بأن الأرض هي مركز المجموعة الشمسية، لكن نيكولاس كوبرنيكوس -نشر دراسة تفيد بأن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية. لقد استغرق الأمر عدة أجيال حتى يتم إجراء حسابات كوبرنيكوس وترسيخها في المجتمع الفلكي، ولكن عندما حدث ذلك، قدمت نموذجًا قويًا لكيفية تحرك الأجسام في النظام الشمسي والكون.

إدموند هالي

في عام 1705، نشر إدموند هالي كتابه "مقدمة موجزة لعلم الفلك والمذنبات"، والذي قام فيه بفهرسة ما وجده أثناء بحثه من خلال السجلات التاريخية لـ 24 مذنبًا ظهرت بالقرب من الأرض بين عامي 1337 و1698. ويبدو أن ثلاثة من هذه المذنبات  كانت متماثلة في المدار. بالإضافة إلى عوامل أخرى، و دفعته هذه المعلومات إلى الاعتقاد بأنه مذنب واحد كان يزور الأرض من وقت لآخر.

ظهر المذنب في الأعوام 1531، و1607، و1682. و اقترح هالي أنه المذنب نفسه ربما عاد إلى الأرض في عام 1758، ألهم  اكتشافه الآخرين لمراقبة المذنب . و قد سمي بإسم هالي نسبة إلى ادموند هالي  الذي اكتشفه. 

كان مرور المذنب عام 1910 مفاجئًا. وطار المذنب على مسافة 22.4 مليون كيلومتر من الأرض، وهي مسافة تمثل 1/15 من المسافة بين الأرض والشمس. وتم خلال هذه الزيارة التقاط صورة للمذنب بالكاميرا لأول مرة.

التقطت المركبة الفضاء السوفيتية فيجا 2، صور مذهلة للمذنب هالي والتي كانت واحدة من مركبتين فضائيتين سوفيتيتين، فيجا 1 وفيجا 2، التي واجهت المذنب أثناء رحلتها عبر النظام الشمسي في مارس من العام. 1986

في مارس 1986. وصلت المركبة فيجا 1 إلى أقرب مسافة من هالي على بعد 8890 كيلومترًا. وكان لدى فيجا 2 لقاء قريب على مسافة 8030 كم. والتقط أحدهما صورا لقلب أو نواة المذنب للمرة الأولى.

عندما عاد هالي في عام 1986، كانت هذه هي المرة الأولى التي نرسل فيها مركبة فضائية لرؤيته. وكان هذا الحدث صدفة جيدة. مشاهدته من الأرض كانت مخيبة للآمال. فعندما وصل المذنب إلى أقرب نقطة من الشمس، كان على الجانب الآخر، على مسافة 62.4 مليون كيلومتر، مما جعله خافتا وبعيدا.

قامت العديد من المركبات الفضائية بمهام ناجحة إلى المذنب، واقترب جيوتو من وكالة الفضاء الأوروبية كثيرًا من نواة المذنب والتقط صورًا غير عادية وأعادها إلى الأرض. وأرسلت اليابان من جهتها مسبارين خاصين هما “ساكيجيك وسوسي”، وحصلت أيضًا على معلومات حول المذنب.

بالإضافة إلى ذلك، قام مستكشف المذنب الدولي التابع لناسا، والموجود في مداره منذ عام 1978، بالتقاط صور لهالي من مسافة 17 مليون ميل. وأشارت ناسا في هذا الحدث إلى أن "هذا كان ضروريا لأنه المذنب الأكثر شهرة وقد حظي باهتمام غير مسبوق. 

سوف تمر عدة عقود قبل أن يعود هالي بالقرب من الأرض مرة أخرى، ولكن في هذه الأثناء قد نرى بقايا منه كل عام. يحدث زخة شهب الجباريات، التي تنتجها شظايا مذنب هالي، كل عام في شهر أكتوبر، كما يحدث زخة تسمى إيتا أكواريديس أيضًا في شهر مايو.

عندما يميل هالي نحو الأرض في عام 2061، سيكون على نفس جانب الشمس والأرض. ولذلك، فإنه سيكون أكثر سطوعا مما كان عليه في عام 1986. ويتوقع أحد علماء الفلك أن يكون المذنب مشرقا، ولكن أقل سطوعا بكثير من ألمع نجم في سماء الأرض، سيريوس.و سنتمكن من رؤيته من الأرض.